الجمعة

عن جدى..وشعب مصر المفترى..


فى احدى ليالى رمضان الماضى الصيفيه الحاره..جلست انا و جدّى فى انتظار السحور...امارس هوايتى فى البحث عن شىء نشاهده بين كم كبير من القنوات التى يصعب ان تستقر على احداها وان فعلت سيدفعك شعور خفى فى داخلك الى الاستمرار فى التقليب عسى ان تجد ماهو افضل من هذه القناه....تركت مسلسل ناصر عن عمد فى وجود جدّى لانه حتماً سيذكّره بحياته فى هذه الفتره وسيحكى لى عن شىء ما او خاطر سياتى اليه مع مشاهدته للمسلسل.... توقف اهتمامى بسماع مايرويه جدّى منذ عامين تقريبا لان اغلبها اصبح اما مكرر واما به الكثير من الخيال الذى يصنعه الحنين الى الماضى فيصبح فى نظره كل ماكان قديما هو اروع ماحدث ...
كم كانت تسعدنى لهجته السكندريه الخالصه التى لم تتلوث باى لهجات اخرى غريبه..فاصبحت هذه هى الحسنه الوحيده التى اخرج بها من الاستماع الى مايقصه لى حتى لو اعيد مرات كثيره ..يكفينى الاستمتاع بسكندريته الرائعه..
فى تلك الليله راق لى ان يلقى علىّ جدى احدى ذكرياته التى سيعيدها مجدى كامل اليه فور رؤيته له فى زى عبد الناصر رافعا حواجبه طوال الحلقه ليعطى انطباع انه عبد الناصر
تشوقت ان اناقشه عن عبد الناصر وعن انطباعه العام عن الاحداث وقتها ورؤيته عن مصر الذى كان احد مواطنيها فى عهده....
وهذا ماحدث فعلا ..لم يمر من الوقت الكثير حتى بدأ هو ماكنت اخطط له من مناقشه تملأ وقت انتظارنا للسحور ...
استدار لى جدى وقال : تعرف ايه احسن حاجه عملها عبد الناصر فى البلد دى......؟؟ لم ارد عليه باجابه صريحه حتى يكمل مايريد قوله ولكنى توقعت من سؤاله ان يسرد لى انجازاته ويوصف لى حب اغلب افراد جيله لعبد الناصر....
قلت : ايه ياجدو ؟؟...
باغتنى قائلا : احسن حاجه عملها عبد الناصر انه خلى الناس تخاف من بعضها ..!!
ادهشتنى اجابته وابتسمت اريد تصحيحه بانه يقصد اسوأ ما فعل عبد الناصر ....ولكنه اصر وقال: لا احسن حاجه عملها انه خلى الناس تخاف من بعضها يعنى محدش يتكلم فى السياسه ولا ده عمل ولا ده خلى ولا حد يعترض ولا يقدر يفتح بوقه ...عارف لو حد قاعد فى قهوه ايامنا وحب يتكلم فى السياسه بخير ولا بشر الناس تقوله ياعم ملناش دعوه ....لاحظ استغرابى وانى اريد الاستفسارعن ما الجيد فى هذا .....ثم استمر: اه...انت متعرفش اصلك الناس دى كانت همج اد ايه ايام الملك ....كان اى حاجه تحصل يعترضو عليها ويعملو مظاهرات ودوشه ...كان شعب مفترى ...لكن من بعد الثوره الناس بقت تخاف من بعضها عشان عارفين ان كل واحد متراقب وممكن يتمسك. ...
جلست مستغربا وجهة نظره النادره التى لم اسمع بها من قبل وسعدت ان جدى قد قال لى جديدا برغم كثرة احاديثنا الطويله المكرره..ولكن ماحيرنى هل نحن كنا فى يوم من الايام شعب (مفترى) ومتى تعود جينات الافترا التى نزعها عبد الناصر كما يرى جدى ...
ثم ساد الصمت واستمر مجدى كامل فى رفع حواجبه الى ان اتى السحور وانا لازلت افكر فى كلام جدى

الثلاثاء

شوفى اد ايه...؟


يا بخت من يقدر يقول
واللي ف ضميره يطلَّعه
يا بخت من يقدر يفضفض بالكلام
وكل واحد يسمعه
يقف في وسط الناس ويصرخ : آه يا ناس
ولا ملام
ييجى الطبيب يحكي له ع اللي بيوجعه
يكشف مكان الجرح ويحط الدوا
ولو انكوى
يقدر ينوح
وانا اللي مليان بالجروح
ما اقدرش اقول
ما اقدرش ابوح
والسهم يسكن صدري ما اقدرش انزعه
شوفي قد إيه؟
احنا النهارده إيه في أيام السنه
شتا والا صيف
وفين أنا
إيه اللي وصّلنى هنا
أنا صاحب البيت والا ضيف
صوتي انحبس
ما اقدرش اقول
ما عرفش حاجه عشان اقول
ما اعرفش غيرك انتي بس
يا بت ياللي في حبك العقل اتهوس
مكان غريب
كأنه سجن كأنه مخدع للحبيب
كأنه بير
شباك حديد وعليه ستاير من حرير
والريح بينفد منه زي المسامير
الريح عوى
قلبى انقبض
قلبى اتلوى
الشمس تلج اصفر شعاعها صاروخ هوا
الضلمه تلج اسود كتير
ألوف ألوف القناطير
خبيني في شعورك يا بت
أحسن عروقى اتخشِّبت

شعرك خشن زى الحِرام الصوف يا بت
خبيني فيه م الزمهرير ..
ونَيِّميني في السرير
دخل النبى بردان خديجه لَفِّته
حَطِّت عليه غطيان لحد ما دَفِّته
دخل النبى بردان وقال: فين الغطا
البسمة غطت شفِّته
صلاح جاهين

ان يضيع منك...


تفاصيل صغيره فى داخلك تتساقط منك اثناء السير فى طرق الحياه ..لا يعلمها احد غيرك ولا يشعر بوجودها الا انت..لن تلاحظ فقدها الى ان يمر الوقت وتلجأ الى احد ملامح الانسان عندك..وتبحث عنها ولا تجدها وتنسى انها قد ضاعت منك قبل ذلك وتجاهلت اهميتها وقيمتها فيك واكملت طريقك بدونها..تحاول تجديدها واستعادتها اليك فلا تستطيع لانك قد بعدت كثيرا فى رحلتك عن مكان وقوعها....
اخاف ان يأتى اليوم و اجدنى قد ضاع منى سهوا هذا الانسان الذى اختزنه بداخلى واندم انى لم يلفت نظرى فى وقتها تسربه البطىء وسقوط اجزاءه منى فى مواقف كثيره ولم اعطى اهميه للامر..
اخاف ان اصبح غير قادر على تذوق ماكنت اتذوقه قبل ذلك...ان يصبح البكاء مع الصديق واقتسام الآلام سوياً بلا طعم...ان تفقد الكلمات طريقها الى قلبى..ان ارى نفسى لا اضحك الا مجاملة ً ويتوقف قلبى عن ايصال ضحكاته الحقيقيه الى وجهى...ان يصبح الجرى فى شدة البرودة تحت المطر واللهو كالاطفال الذى كان يغمرنى بالسعاده يتحول الى افعال بلامعنى صعبة التحقيق.....ان يتساوى عندى استنشاق هواء ماقبل شروق الشمس مع غيره من اوقات اليوم......
ان انسى ملامحى الحقيقيه بعد ان تزيد الاقنعة التصاقا ً بوجهى من طول الاعتياد على ارتدائها دائما ً ..ان تضمر اجنحتى فلا استطيع الطيران كما كان يحلو لى ان افعل..ان اسجد لادعو الله واكلمه فلا ابكى وافقد شعورى بالقرب منه وانسى متعة الاعتذار له عن اخطائى......
اخاف ان افقد نشوة المخاطره والجنون..ان اصير كالآلة افعل اشياء روتينيه ممله ..جامده مكرره ليس بها اى ممتع او جديد ...ان تصبح الايام نسخا ً كاربونيه من بعضها.....هل سوف تكون الاسكندريه عندى مثلها مثل سائر المدن ويُمحى مكانها فى قلبى واشعر بالغربه فى شوارعها بعد ان كانت هى معنى الامان بالنسبة لى.......
هل وقتها سوف يضيع حتى شعورى بالحزن على فقدى هذه الاشياء واتأقلم على العيش بدون انسان فى داخلى ..وتجبرنى الايام على الحياة بدونه واعتياد الامر هكذا...
حاول استعادة كافة تفاصيلك الانسانيه المفقودة لحظة ضياعها ..لاتنتظر وتهملها فتأخذك الدنيا بعيدا ً عنها فتضيع منك الى الابد وتندم بعد ذلك على انك اصبحت فارغا ً من كل شىء جميل كان يملأك