الخميس

أيس كريم...بالفراوله !



اجلس فاتحا نافذة غرفتى على مصرعيها متجرداً من اغلب ملابسى اتصبب عرقا وعلى وجهى اثار اجهاد غير مبرره..احرك يدى لاعلى واسفل بشكل منتظم محاولا جلب الهواء الى السنتيمترات القليله المحيطه بجسدى لتخفيف حدة الحراره من حوله ولكن دون جدوى حيث اكتشف ان الهواء ساخن اصلا وسيزيد احساسى بالجو الحار الخانق...اتذكر اشقائى البشر قاطنى وسط افريقيا وخط الاستواء وكل الكائنات التى تعيش فى هذه المناطق فاشفق عليهم واشعر بشوق قاتل لفصل الشتاء الذى اعشقه..
اظل هكذا امام جهاز الكمبيوتر فى غرفتى التى تزيد درجة الحراره فيها عن الدرجه الطبيعيه بأكثر من خمس درجات مئويه الى ان اضع رأسى امامى لاغفو قليلا دون ترتيب مسبق منى.....ما امتع النوم الذى يأتى فجأة وانت لم تخطط له قبلها ولم تكن فى نيتك الاقدام عليه...ارى فيما يرى النائم انى فى مكان اشبه بجزيره كبيره من الايس كريم فى وسط الماء وانى اجلس مستندا الى قطعة شيكولاته يملأنى شعور بالسعادة الطاغيه ..فى يدى ورقتان اقرأ منهما قصيدة عاميه من تأليفى بصوت عالى لفتاة اعشقها تجلس بجانبى فوق قطعة شيكولاته اخرى......وبينما تنظر الىّ وتتأملنى وانا اقرأ لها ما كتبته عنها متقمصاّ شخصية شاعر معروف فى ندوة احتفاليه بصدور ديوانه الرابع والعشرين.... سمعت صوتها العذب الملائكىّ يقاطعنى : محمد ثانيه....فرأيت ابتسامه جعلت وجهها يزداد اشراقاً و هى تقوم من مكانها فتسائلت عن السبب فقالت انها ذاهبه الى غرب الجزيره حيث جبالها المصنوعه من ايس كريم الفراوله التى تحبه ثم انهت جملتها ب : اجيبلك معايا؟؟
شكرتها فذهبت وجلست انا استرجع آدائى فى القاء القصيده عليها وهل اعجبتها ام لا واتسلى باكل المزيد من الايس كريم ...واثناء انتظارى لها نظرت الى بعيد لارى الالاف من البشر يحملون اوعية مياه مثلجه قادمون باتجاهى تتقدمهم هى وتحمل نفس الوعاء الذى يحملونه ..التفو حولى جميهم فقمت وسألتها مندهشاً عن ما تنوى فعله معى ولماذا جائت بكل هؤلاء..شعرت بغدر طفولى فى عيناها الممتلئه بالبراءه ..لم ترد علىّ وامرتهم باشاره من يدها ان يتحركو ويسكبو كل المياه المثلجه على فى وقت واحد وفعلت مثلهم ضاحكه...وانا اصرخ فيها رافضا ماتفعله حيث ان الورق فى يدى سيبتل هكذا ولكنها كانت غير مهتمه بما اقول تستكمل معهم القاء المياه الباردة فى اتجاهى..........
استيقظت لاجد زجاجة المياه المثلجه بجانبى وقد اوقعتها اثناء نومى لتسكب بالكامل على المنضده وعلى جسدى وعلى "كيبورد الكمبيوتر" فقمت من مقعدى مرتبكا وانا انظر الى الشاشه لاجد صورتها التى تبتسم فيها نفس الابتسامه التى تركتها عليها فى الحلم وتنظر الى نظرة يختلط فيها فرحه وتشفى وسخريه الاطفال بعدما يقومون بعمل "مقلب" فى اصدقائهم ويستمتعون بمشاهدة حالهم المضحك بعدها والذى كان يشبه حالى والماء قد اغرق المتبقى من ملابسى التى ارتديها

ازيل اثار الماء واجلس ثانيه غاضبا منها واقوم بأغلاق صورتها التى اعتقد انها هى من قامت بعمل ذلك ثم اعود لاشعر بحرارة الجو العاليه فادرك ان مافعلته بى هو شىء جيد اتمنى ان تكرره الان مره ثانيه فافتح الصوره مجددا فاجد ملامحها وقد تحولت وصارت كطفل على وشك البكاء واشعر بها تقول لى :مخاصماك!
فابتسم واقرأ لها نفس القصيده التى كنت اقرأها فى الحلم فى محاوله لمصالحتها واعدها ان احضر لها "ايس كريم الفراوله" الذى تحبه فاجد ابتسامتها المتحفظه عادت الى وجهها مثل الوردة فى بداية الربيع عندما تبدأ فى التفتح .......فاستمر فى القاء القصيده عليها الى ان انتهى ولكنى ارغب فى المزيد من اسعادها فابدأ فى تشغيل اغنية لفيروز اعلم انها تحبها...ولكن فى هذا الجو الحار لا يتقبل عقلى سماع فيروز ......ارتبطت عندى فيروز بالشتاء ....الشتاء فقط ....فلا استطيع ان استمتع بها الا والجو بارد وانا ارتدى ملابسى الثقيله....مثلها مثل الاسكندريه والرسم والشعر وكل شىء مبهج فى حياتى لا اجد له متعه الا مع حلول فصل الشتاء ولازلت لا اجد تفسير لهذا.....
اشعر انها تريدنى ان اقوم بتشغيل الاغنيه التى تحبها سريعا مستنكره ترددى .....فافعل رغم عدم اقتناعى بسماع فيروز فى درجة حراره مثل هذه .......وانتظرت حتى انتهت الاغنيه وانا اتابع كل رد فعل لها
لم اعرف انها اصبحت فى قمة بهجتها الا بعد وقوع الزجاجه مره اخرى عندما اصتدمت بها يدى عن غير قصد وانسكب ما تبقى منها علىّ مره اخرى فقمت ضاحكا انظر الى صورتها مستسلما لقطرات المياه البارده المنعشه على جسدى غير محاولا ابعادها ..!

الأحد

لــعبـــه


منذ ان جئنا الى هذه الدنيا وبدأت اقدامنا فى وضع اولى خطواتها على طريق رحلة الحياه والتى شئنا ام ابينا مضطرين الى مواصلة السير فيها حتى وان كنا لانعلم متى ستنتهى واين ولكننا مجبرين على الاستمرار وتحمل كل مطبات وحفر ومتاهات هذه الرحله الى ان يحين موعد النزول فنعلم انها قد انتهت وان الوقت المخصص لنا فيها قد نفذ وعلينا افراغ مكان لشخص اخر بدأ رحلته هو الاخر وسيأتى ايضا له وقت لتنتهى ويبدأ غيره

وفى كل مرحله من مراحل الرحله تلعب الحياه معنا العاب مختلفه تحددها هى لا نختارها ..علينا فقط ادراك ماهى هذه اللعبه وما هى قواعدها وكيفية الفوز فيها ..كفائة كل منا ومدى اختلافه عن غيره من الذين وضعتهم الحياه فى نفس اللعبه يتحدد بالقدره على معرفة اسرارها واقصر الطرق للوصول الى المطلوب فيها والاسلوب الشخصى فى اللعب فالبعض يمتلكون مهارات خاصه يمكن ان تميزهم عن الاخرين..
احياناً تدخلك الحياة فى لعبة مثل "صنم" فتشعر ان كل الظروف المحيطه بك وكأنها اشخاص تلعب معك..مصطفين على الجانبين ينظرون اليك وكلً منهم يقف متحفزأً وذراعيه امامه يستعد لان يباغتك بضربه قويه على مؤخرة رأسك (قفاك) اذا لم تكن منتبها جزء من الثانيه له ..فقوانين هذه اللعبه تمنحهم حق ضربك اذا لم تكن ترى يد الذى يضربك..اذا رأيتها فسيكون هو الخاسر ويتبادل معك الادوار ليمر هو بين اللاعبين بعد ان يقول "صنم" واضعا كلتا يديه على مؤخرة رأسه لتحميه من الضربات القادمه اليه ..
فى هذه المرحله يجب ان تكون منتبها طوال الوقت فلا يوجد فرصه لان تغفل نهائياً والا فلتتحمل صفعات كل من حولك من احداث الحياه ولا تلوم على احداها ان ضرباتها كانت قويه وتغضب وتقول "مش لاعب" لانك انت من سمحت لها بذلك ..ولكن استكمل اللعبه الى النهايه ..الى ان ترى يد احدهم وينزل هو مكانك او ان تغير الحياه لعبتها معك..

اوقات اخرى تشعر وكأنك فى لعبة شطرنج كبيره فكل قرار تتخذه فى هذا الوقت يكون غايه فى الاهميه ولا يمكن الرجعه فيه..عليك ان تستخدم كل مخزونك من الذكاء و تخرج كل مالديك من صبر ودهاء حتى تتعايش فى هذه الفتره ويجب ايضا الا تقع فى فخ وخطط المنافسين فيدفعوك لعمل خطوة متهوره تفاجىء بعدها انه قد قيل لك "كش ملك" وليس امامك اى مخرج سوى الاستسلام والخروج مهزوما لانك حسبت من حولك اغبياء و اخذك الغرور بذكائك الى خسارة كل شىء...

كثيرا ما نجد انفسنا يغمرها احساس اللاعب فى حلبة المصارعه نحتاج فيها الى كل مانمتلكه من طاقه وقوه جسديه ومثابره وتحمل للالم الى اقصى الحدود وعدم الاستسلام مهما كانت قوة الضربات واللكمات الموجهة الينا ..والبقاء الى اخر لحظه فى كل جوله ...حتى ولو ايقنت انك مهزوم وشعرت بعجزك عن القيام مره اخرى فاستغل هذه الفتره للراحه ومواصلة اللعبه .....فربما تخسر جوله او اكثر ولكن تفوز فى النهايه فكما تصارع العالم لكى تصل لما تريد ايضا وبنفس القوه عليك مصارعة اليأس فهو العدو الحقيقى والذى ستجده يحاربك مع كل خصم وربما ستكون ضرباته قاضيه واكثر تأثيرا من ضربات اللاعبين..

وفى احيان اخرى ولكنها قليله تلعب الحياه معنا العاب تعتمد على الحظ مع قليل من الجهد منك او التفكير للفوز فنسبه كبيره من نجاحك فيها هو فى يد الصدفه التى يحتمل ان ترفعك الى اعلى او تهبط بك لاسفل وتخرجك منها خاسراً ..ولكن اعلم ان الحظ والظروف والقدر والصدفه وكل هذه المسميات او مايعادلها حسب كل منا ومايعتقد..لن تقف الا مع من يستحق فقط ولن تخدم الا من سعى اليها ورأت فيه انه مؤمن بقدراته وبالفوز والوصول لما يريد

فلتلعب كل لعبه تدخلك الحياه فيها حتى وان كنت لا تعلم عنها شىء فحتى ان تعثرت فى الفوز فستخرج منها بخبرات كبيره تنفعك فى باقى الرحله او بمعرفة اشخاص جديده ربما يغيرو اتجاه رحلتك الى الافضل فلا تجعل مابدأت به الطريق تحمله على ظهرك من صبر وامل وقدره على الرجوع مهما بعدت ينفذ وتجد نفسك تحمل اليأس بديلاً لهؤلاء وانت لاتعلم...انظر جيدا بعد انتهاء كل مرحله بداخل حقيبتك وتخلص من كل مافسد بها وجدد اشيائك التى تقويك على مواصلة الرحله وتأكد ان بها ما تريد انت لا ما وضعته الايام لك فيها ..