الأحد

ملل...!


واستمرت الايام فى المرور بايقاعها البطىء الثابت الذى لا يتغير بعد ان اعتدت على وجوده المستمر معى دائماً..اصبح يشاركنى فى كل ساعات يومى منذ الصباح الى ان انام وحتى فى نومى كنت اراه فى احلامى..لم يكن كذلك فى بداية تعارفنا فكنت افاجأ بوجوده فى مواقف معينه على فترات متقطعه وفى ايامٍ قليلة من الشهر....كنت اندهش فى بداية الامر من تصرافته الغريبة هذة ومن شكلة المقيت الذى اصبح مألوفا لدىّ بعد ذلك ببدانته المتوسطه وعيناة النصف مغلقة دائماً وكلامة الذى يخرج من فمه نادراً كخروج ساقٍ خشبية من قطعة صوفٍ خشن وحذائة الذى لم استطع ان احدد له لوناً ونظراته الحادة المخيفة...
لم اكن اعرف كيف يظهر معى بدون علمى ويصبح بطلاً لاحداثٍ كثيرة ومحرضاً لى على تصرفات بعينها لم اتوقع يوما ان افعلها ولكنى معه كان يسهل على كثيرا واشعر انى مسير تماما وافعل مايريده هو ان افعله..
لاحظ رؤيتى له و حيرتى فى معرفة من هو هذا الذى يلاحقنى دائماً واكون فى وجودة ليس انا واشعر بتلاعبة بى كيفما شاء..فبادر الىّ وجاء ليعرفنى بنفسه وقال لى بعد ان ظللت انتظر طويلا ان يتحدث بصوتة المتقطع الغليظ وتتساقط الحروف ثقيلة من بين اسنانة وشفتيه:- انا "الملل"...!
وان هذه هى صورتة البشرية التى خرج بها الىً وتجسد فيها ليصطحبنى !
لم اصدق فى البداية كلام هذا الرجل المريب وشعرت اننى فى كابوس صعب اريد القيام منه ولكننى تأكدت بعد ذلك....... تأكدت ان الامر حقيقة وليس احلاماً...لم يلاحظ احد وجودة فى اماكن تواجدى غيرى انا...عند خروجى من البيت اجده فى انتظارى جالسا عند بداية الشارع فاتاجهله واكمل فاشعر به يتبعنى ثم يختفى ...وعند ذهابى الى المكان الذى اردته فاراه قد وصل قبل وصولى وينظر الىّ بنظرات معاتبه على تأخرى ...فاجلس صامتاً حتى لايتهمنى احدهم بالجنون...
اعود مره اخرى وافتح باب غرفتى فاشعر بوجودة فى الظلام فارتدى ملابسى وانظر الية بغضب واحاول تجاهلة لانام...
كان كرهى لهذا الملل البغيض الذى اصبح يلازمنى كظلى يتزايد يوماً بعد يوم...يغيب لعدة ايام عنى فاشعر بطعم الحياة مرة اخرى واقبل عليها واتمنى ان يكون قد ضل طريقة الىّ او يكون قد نسى القيام بمهمته الكريهة معى ووضع بصمته على احداث يومى حتى اشعر بالملل من كل شىء
افسد علاقتى بالجميع وافسد تذوقى لكل ما كان يسعدنى من اشياء صغيرة فاصبحت فى وجوده بلاطعم
الى ان سئمت هذة الحياة باكملها وصارت فى عيناى عديمة الجدوى واصبحت افكر فى فائدة وجودى بهذا الشكل فيها من عدمة..توصلت الى حقيقة مؤكده ان بقائنا هكذا سويا فى هذا العالم اصبح مستحيلا فاما سيقضى هو علىّ وانتهى منتحراً بعد سيطرتة على كل تفاصيل يومى واصبح فى يدة مثل دمية خشبية يحركها كيف يشاء....واما ان اتخلص انا منه باى طريقة كانت واعود اتنفس الحياة من جديد
بالفعل صارت فكرة قتله تنمو فى داخلى فى كل يوم عن سابقة بعد تزايد مواقفة السيئه معى واحكام التفاف حبلة على رقبتى
حددت الموعد وخرجت من بيتى فوجدته كالعادة يتبعنى فى الطريق..ذهبت الى مكان خالى على اطراف المدينة فرأيته من بعيد يقترب بخطوات رتيبة باهته وصوت ارتطام حذائة بالاسفلت يصنع ايقاعا مملاً ثابتاً فى صمت المكان....
الى ان صار على بُعد امتار قليلة منى فاندفعت الية بأقصى سرعتى اركلة والكمه وكانت كل مشاهد مافعله معى تمر من امامى لحظتها فتزداد قوة ضرباتى الية ..قررت الا اتركة الا قتيلا وانتزع ماتبقى من حياتى واحررها من سيطرتة
وجدته قد تخلص من ضرباتى وقد اَنهكت قواى واخذ يرجع الى الخلف ثم انطلق والتف حول رقبتى وجسدى بقوة لم استطع فك ايديه عن كتفىّ...شعرت به بعدها يتلاشى ويتسرب الى داخلى جزءاً جزءاً وانا على وشك الغياب عن الوعى الى ان اختفى تماما و غاب عن نظرى
الآن ..وقد احتلنى الملل واصبح جزءاً منى حتى نسيت ملامحى القديمة فاصبحت ارى تفاصيله على وجهى ولا املك شيئاُ لافعلة...!

اروع قصيدة شعر بالعامية : بهيّة ..


بجد محدش قدر يوصف مصر بالجمال ده ولا فى قصيدة اتقالت فى مصر حقيقية اوى للدرجة دى لا بالعامية ولا بالفصحى
القصيدة دى رائعة الى حد الكمال وبدون مبالغة فعلا مفيهاش عيوب ومعتقدش حد حيكتب زيها تانى


بهيـّة

يسبق كلامنا سلامنا يطوف ع السامعين معنا
عصفور محندق يزقزق كلام موزون و له معنى
عن الارض سمرا و قمرا
و ضفه و نهر و مراكب
و رفاق مسيرة عسيرة
و صورة حشد
و مواكب
ف عيون صبية بهية
عليها الكلمة و المعنى

***
مصر يا امّة يا بهية
يام طرحة و جلابية
الزمن شاب و انتي شابة
هو رايح و انتي جاية
جايه فوق الصعب ماشية
فات عليكي ليل و مية
و احتمالك هو هو
و ابتسامتك هي هي
تضحكي للصبح يصبح
بعد ليلة و مغربية
تطلع الشمس تلاقيكي
معجبانية و صبية
يا بهية

***
الليل جزاير جزاير
يمد البحر يفنيها
و الفجر شعلة ح تعلا و عمر الموج ما يطويها
و الشط باين مداين
عليها الشمس طوافة
ايدك في ايدنا
ساعدنا
دي مهما الموجة تتعافى
بالعزم ساعة جماعة
و بالأنصاف نخطيها

***
مصر يا امّة يا سفينة
مهما كان البحر عاتي
فلاحينيك ملاحينيك
يزعقوا للريح يواتي
اللي ع الدفة صنايعي
و اللي ع المجداف زناتي
و اللي فوق الصاري كاتب
كل ماضي و كل آتي
عقدتين و التالته تابتة
تركبي الموجة العفية
توصلي بر السلامة
معجبانية و صبية.. يا بهية

***
و يعود كلامنا في سلامنا يطوف ع الصحبة حلواني
عصفور محني يغني
على الأفراح ومن تاني
يرمي الغناوي تقاوي
تبوس الأرض
تتحنى
تفرح
و تطرح
و تسرح
و ترجع تاني تتغنى
اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني



احمد فؤاد نجم

1969م