الأربعاء

ترام الرمل


لم يعرف ماذا دفعه للخروج من كليته فى منتصف اليوم بدون اسباب ..اخذ حقيبته على ظهره واتجه الى خارج اسوارها غير محدد وجهته وماذا سيفعل ..كسراً للملل فكر فى ان يركب الترام بدلا من المواصلات التى اعتاد ركوبها ذهابا وايابا من الكليه...اراد فى هذة الاوقات ان يفعل اشياءا لم يقم بها قبل ذلك...مشى الى محطة الرمل "اولى المحطات" التى لم تبعد كثيرا عن المحطه المواجهه لكليته....
سار وحيداً فى الطريق الموازى لشريط الترام بعد ان اخرج سماعات جهازه الصغير ووضعها فى اذنيه ليبدأ فى التحليق مع منير فى سماء اغانيه..مر بجانب مرآة كبيره مستنده على حائط ..نظر الى نفسه كالعاده بلا هدف..لم يجد اى ملامح سعاده او حزن او اى مشاعر اخرى على وجهه..شعر انه ينظر الى تمثال قد احتل داخله ...
تجاهل افكاره السلبيه و استمر فى السير ينظر الى وجوه الماره مع خلفية صوت محمد منير..كان يسرع ويبطىء فى ايقاع خطواته لا اراديا حسب احساسه بما يسمع....
( قبل ماتحلم فوق..احلم وانت فايق....قبل ماتطلع فوق ..انزل للحقايق ..عافر يمكن تقوم ..حافظ على كل يوم )..انتشى لسماعه هذه الاغنيه وشعر بطاقه كبيره تدفعه للامام ...صعد الى الترام فوجدها شبه فارغه..جلس واخرج جريدته المعارضه ليقرأها قتلا للوقت...مرت عليه عدة محطات نظر بعدها من الشباك ليعرف الى اين وصلت لاحساسه انها لا تتحرك..وجد ان الترام تسير بسرعة امرأة عجوز فى اواخر عمرها...لم يجد مللاً فى هذا البطىء الشديد وعاد ليقرأ مرة اخرى..
(وكل شىء بينسرق منى...العمر مالايام ..الضى مالننى)....التفت عن القراءة ونظر الى الطريق ليستمع الى صوته الداخلى ...:
العمر مثل هذة الترام ..مر سريعاً او بطيئا ولكنه سيصل حتما الى نهاية...كم مرت عليك محطات تمنيت ان تعود اليها ولو لحظه...كم تركت بشرا احببت رغما ً عنك فى محطات ...كم كنت فى قمة سعادتك فى محطات وفى قمة حزنك فى اخرى ...ولا زالت عربة عمرك تسير لاتعرف اين ومتى ستكون محطتك الاخيرة...
توقف صوته الداخلى عن الكلام ونظر بجانبه فوجد رجلا فى عقده السادس من العمر ينظر اليه ووجه يقول بانه يريد الجلوس فى هذا المكان...قطع التفكير فى القيام لهذا الرجل او تجاهله لحظات قراءته واستماعه لمنير..
مرت دقائق حتى قرر تجاهله واستكمال انفراده بنفسه فى عالمه الصغير...الى ان انتابة شعور يدفعه للقيام فوجد نفسه يأخذ حقيبته ويقف ليجلس مكانه العجوز..شكره فرد عليه بابتسامه باهته...وقف بجانب النافذة وفعل ما كان يفعل اثناء جلوسه..ساعده فى ذلك ان الترام لم يكن مزدحما بل كان فارغا من الواقفين مثله...
امتلأت فجأة بأطفال عرف انهم من مدرستة الاعداديه القديمه فتذكر عندما كان مثلهم يركب الترام فى الذهاب والعوده من المدرسة فابتسم لهم واخذ يتابع لهوهم البرىء والغير برىء احيانا وشخصياتهم المختلفه ...رأى فيهم واحدا يشبهه كثيرا عندما كان فى مثل عمره فنظر اليه كثيرا بتأمل الى ان لاحظه الصغير فادار وجهه سريعا الى جريدته..

صعد بعدها صديق قديم عرفه فى فترة الاعدادى ولكن الحياة فرقتهم بعد ذلك..اندهش لرؤيته من جديد لانه قد فكر فيه منذ ايام قليله بدون اسباب..ابتسم واوقف مايسمع فى اذنيه وتوقف عن القراءه حتى يتفرغ للحديث معه..ارتسمت على وجهيهما فرحة غريبه بهذا اللقاء القدرى ..اخذ يسأل كل منهما الاخر عن اخباره وحياته منذ افترقا حتى ضل الكلام طريقه اليهما فظلا صامتين ولكن فى عيونهما هذه السعاده المخطلته بتذكر ايام طفولتهما سوياً...
جاءت محطة النزول فعانقه واخذ رقم هاتفه املاً منه فى ان يعودا لمتابعة اخبار بعضهما بعد ذلك وهو يعرف ان احدهما لن يفعل ولكنها طقوس لقاء الاصدقاء القدامى ...
(ايديا ف جيوبى وقلبى طرب..حاسس بغربه بس مش مغترب..وحدى لكن ونسان وماشى كده..ببتعد معرفش او بقترب)
اكمل طريقه الى منزله سعيدا واضعا يديه فى جيوبه بعد ان فهم ما الذى دفعه للخروج من كليته فى منتصف اليوم وركوب الترام التى لم يركبها منذ سنين حتى التقى بصديقه القديم الذى كان يفكر فيه منذ ايام قليله .

هناك 5 تعليقات:

kemooz يقول...

7lwaaaa awiiiiiii ya sadiky:)
aslobk gamd gdaaaan mar3i ;)

مواطن عادي في زمن الزبادي يقول...

بصراحة موضوع جامد
يا عم الحج انا مش فاهم اي حاجه في البتنجان في الموقع ده
ياريت تفهمني
اصل انا لسة عامل مدونة جديده مش فاهم اي حاجه خالص

Mar3i يقول...

شكرا kemooz :]

Mar3i يقول...

مواطن عادى فى زمن الزبادى D:D:
شكرا على ردك الاول
وانا مش عارف اساعدك ازاى الحقيقه لانى فى الزبادى زيك بالظبط ومش بعرف فيه الا بسيط والله D:D:D

غير معرف يقول...

مواضيعك جميله تنم عن شخصيه مرهفه بالاحساس والسرد الذاتي لبعض الذكريات الجميله استمر في الكتابه و لي الامام تحياتي
صديقك احمد من فلسطين